الوحدة 2من القانون مقدمة
سبق وأن ذكرنا أنّ صفة الشخص ليست حكرًا على الأشخاص الطبيعيين، بل تمتد لتشمل
الشخصيات المعنوية التي تلعب دورًا هامًا على مسرح الحياة القانونية و الاقتصادية يفوق في كثير
من الأحيان الدور الذي يقوم به الأفراد، وأهمها الشركات. و أهمية هذه الشركات تكمن في
دورها في تجميع جهد الأفراد و مدخراتهم لإنشاء المشروعات التي يعجز المرء بمفرده القيام بها،
مما جعلها الأداة المثلى للنهوض الاجتماعي و الاقتصادي، بل و لقد تعاظمت هذه الأهمية لدرجة
أصبحت معها الكثير من هذه الشركات تتمتع بإمكانيات كبرى لا نجدها إلا عند الدول. و شكلت
هذه الشركات خاصة التجارية منها قوة اقتصادية هامة مما اضطرت الدول إلى مراقبتها و
توجيهها بما يخدم المصلحة العامة. وسنت لذلك القوانين الخاصة بإنشائها وتسييرها وانقضائها.
وهذا ما نتطرق إليه في هذه الوحدة، حيث تكون عزيزي الطالب في نهايتها قادرا على الإجابة
على الأسئلة التالية :
ما هو تعريف عقد الشركة ؟
ما هي الأركان الموضوعية العامة والخاصة لعقد الشركة ؟
ما هي الأركان الشكلية لعقد الشركة ؟
ما هو جزاء الإخلال بركن من أركان عقد الشركة ؟
ما هي أسباب انقضاء الشركة ؟
-1 تعريف عقد الشركة :
( 14 المؤرخ في 3 مايو 1988 - تعرف المادة 416 من القانون المدني الجزائري (القانون رقم 88
الشركة كما يأتي : (( الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على
المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد، بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو
تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك
. ((
من هذه المادة نخلص إلى أن الشركة عقد يتطلب تكوينها توافق إرادتين أو أكثر أو بعبارة أخرى
موافقة جميع الشركاء على إنشاء الشركة، وأن يكون لهذه الشركة محلا وسببا وهذه هي أركان العقد
العامة التي يجب أن تتوفر في أي عقد .
غير أن عقد الشركة يتميز عن غيره من العقود، بأن أثره لا يقتصر على إنشاء التزامات تترتب على
أطرافه أي على الشركاء، بل يتعدى ذلك في أغلب الأحيان إلى أثر آخر وهو نشوء شخص قانوني
جديد هو الشخص المعنوي " الشركة " إلى جانب أشخاص الشركاء، بحيث أن كلمة الشركة تعني في
نفس الوقت العقد والشخص المعنوي الذي يتولد عنه. وهذا الشخص المعنوي الشركة هو الذي يسيطر
ويهيمن على الإرادات الفردية التي اشتركت في تكوين العقد وهذا ينطبق خاصة على بعض الأنواع من
الشركات التي سندرسها لاحقا.
لم يقتصر المشرع الجزائري على الأركان العامة الواجب توفرها في أي عقد، بل تدخل في تنظيم
الشركة ولم يترك عقدها لحرية المتعاقدين المطلقة فاشترط بالإضافة إلى الأركان العامة توفر أركان
موضوعية خاصة بالشركة وهي :
- أن يصدر العقد من شخصين فأكثر، إ ّ لا في حالة واحدة وهي حالة المؤسسة ذات الشخص الوحيد
وذات المسؤولية المحدودة .
- أن يقدم كل واحد من الشركاء حصة من مال أو عمل .
- أن تتوافر بين الشركاء نية الاشتراك، أي الرغبة في التعاون لتحقيق غرض الشركة .
- أن يقتسم الشركاء حصة الأرباح والخسائر .
واشترط المشرع بالإضافة إلى كل من الأركان الموضوعية العامة والموضوعية الخاصة، شروطا
شكلية رتب الجزاء على مخالفتها وهذه الشروط هي الكتابة والإشهار .
وهكذا يمكن أن نستنتج من كل ما سبق أن المشرع الجزائري لم يترك عقد الشركة لحرية المتعاقدين
المطلقة، وإنما تدخل لتنظيم هذا العقد بهدف تحقيق أغراض تتعلق بالنظام العام.