السؤال: أعيش فى الغرب مع أطفالي ، وحرصت أن ألحقهم بالمدارس الإسلامية ، وقد قام أحد المدرسين المسلمين باختيار قصة تدور أحداثها حول " خنزير " ، وعند التحدث مع المعلم حول هذا الأمر : احتج بأن القصة مستواها الأدبي راقٍ جدّاً ، ونحن لا نقول للأطفال كلوا لحم الخنزير ، فلا يَرى مانعا من تدريس هذه القصة ، فهل هناك محذور شرعي من تدريس هذه القصص التي تدور أحداثها حول خنزير ؟ . وللمعلومية اسم القصة Charlotte's Web
[rtl]الجواب:[/rtl]
[rtl] الحمد لله[/rtl]
[rtl]أولا: [/rtl]
[rtl]" تبدأ القصة ـ المشار إليها ـ عندما تضع أنثى الخنزير ! الخاصة بالمزارِع " جون أربلز " بضعة خنازير صغيرة ، ومع الوقت يلاحظ " أربلز " أن أحدها قزم ، ولا ينمو بالشكل المطلوب ، فيقرر قتله ، في ذلك الوقت ترجوه ابنته البالغة من العمر ثماني سنوات أن لايقوم بقتله ، فيقرر والدها أن يمنحها الخنزير الصغير كحيوان أليف لها ! ، بدورها تطلق عليه اسم " ويبر " ، يظل " ويبر " مع " فيرن " لعدة أسابيع ، ثم يقرر والدها أن يبيعه لعمها ، وتداوم " فيرن " على زيارة " ويبر " في مزرعة عمها وقتما استطاعت ، إلا أن " ويبر " يزداد شعوره بالوحدة يوماً بعد الآخر ، في نهاية المطاف يستمع " ويبر " لصوت دافئ ، يخبره أنه بامكانها أن تكون صديقة له ، هذا الصوت هو لـ " شارلوت " ، أنثى العنكبوت الرصاصية ، وسرعان ما يصبح " ويبر " جزءً من مجتمع حيوانات المزرعة ، وفي يوم يخبره " خروف عجوز " ! أنه - أي : " ويبر " - سوف يذبح ليقدم كوجبة رئيسية في " الكريسماس " ! ، يصاب " ويبر " بالهلع ، فيهرع إلى " تشارلوت " طلباً للمساعدة ، يخطر على بال " شارلوت " فكرة ، وهي : كتابة كلمات على الشبكة التي تحيكها تبيِّن فيها مدى تفوق وتميُّز " الخنزير ويبر " ، وهي " بعض الخنازير " رائعة " ، " متوهجة " ، " متواضعة " ، وكانت حجتها أنه اذا صار " ويبر " شهيراً : فإنه من الصعب أن يتم ذبحه حينها ، وبفضل " تشارلوت " : فإن " ويبر " لم يتم ذبحه فحسب بل صار حديث المقاطعة بأسرها ، بل وربح جائزة خاصة في " كرنفال " ! المقاطعة ، وبسبب فترة العمر القصيرة للعناكب : تموت العنكبوت " تشارلوت " ، ويحزن " ويبر " ، وحيوانات المزرعة ، ويتعهد بحماية كيس البيض الذي وضعته " تشارلوت " ، وعندما يفقس بيض " تشارلوت " في المزرعة : تخرج منها العناكب الصغيرة منتشرة في أماكن أخرى ، حيث تبدأ كل منها حياتها الخاصة ، باستثناء ثلاث عناكب صغيرة تقرر البقاء في المزرعة ؛ ليكونوا أصدقاء " ويبر " وهم " جوي " ، " أرانيا " ، و " نيللي " .[/rtl]
[rtl]انتهى من الموسوعة " ويكبيديا " ![/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]ثانيا : [/rtl]
[rtl]من المعلوم للخاص والعام أن الله عز وجل حرم في كتابه أكل لحم الخنزير على المسلم ، ووصفه بأن رجس ، أي : نجس ؛ وهذا غاية ما يوصف به في مقام الإهانة والتنفير منه ، ولقد صار النفور منه علامة لحرص المسلم على دينه ، وتعظيمه والرغبة في أكله واقتنائه ، شعار للنصارى وغيرهم . [/rtl]
[rtl]وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام ، الذي يزعم النصارى أنهم أتباع له ، سوف ينزل آخر الزمان : فلا يقبل من أحد إلا الإسلام ، ويبطل شعار الكفر ، ومنه الصليب والخنزير : [/rtl]
[rtl]( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ : لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) . [/rtl]
[rtl]رواه البخاري (2222) ومسلم (155) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . [/rtl]
[rtl]قال المهلب في شرحه : [/rtl]
[rtl]" قال المهلب : هذا وعد من النبى - عليه السلام - بنزول عيسى ابن مريم إلى الأرض ، وفيه من الفقه كسر نصب المشركين وجميع الأوثان ، وإنما قصد إلى كسر الصليب وقتل الخنزير من أجل أنهما فى دين النصارى المغترين المعتدين فى شريعتهم إليه ، فأخبر النبى أن عيسى سيغير ما نسبوه إليه، كما غيره محمد وأعلمهم أنهم على الباطل في ذلك " . انتهى. [/rtl]
[rtl]"شرح صحيح البخاري" ، لابن بطال (6/604) . [/rtl]
[rtl]وقال الإمام النووي رحمه الله : [/rtl]
[rtl]" ( فيكسر الصليب ) معناه : يكسره حقيقة ، ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه . وفيه دليل على تغيير المنكرات والآت الباطل . وقتل الخنزير من هذا القبيل . [/rtl]
[rtl]وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور : أنا اذا وجدنا الخنزير فى دار الكفر أوغيرها وتمكنا من قتله قتلناه .. " انتهى . "شرح مسلم" (2/190) . [/rtl]
[rtl]ولذلك صرح الفقهاء في كتبهم بأن الخنزير من شعار أهل الكفر ، الذي لا ينبغي إظهاره في دار الإسلام . قال الخطيب الشربيني رحمه الله : [/rtl]
[rtl]" ويمنع الكافر مِنْ إسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلًا شِرْكًا ؛ كَقَوْلِهِمْ : اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا ... وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ ، وَهُوَ مَا تَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ ... ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَإِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ " انتهى . [/rtl]
[rtl]"مغني المحتاج" (4/257) .[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]والشاهد من ذلك كله : أن المسألة ليست هي مجرد أكل لحم الخنزير من عدمه ؛ بل إن الشرع قد جاء بإهانة الخنزير وتحقيره وقتله ، وجعله تعظيمه وإكرامه من شعار الكفر ، لا إكرامه وعرضه في مثل هذه الصورة الموحية بالتعاطف معه ـ في أقل الأحوال ـ ؛ فالواجب أن يكون هذا المعنى هو الذي يقرر ويغرس في نفوس الطلاب ، وذلك يتنافى مع تدريسهم لمثل هذه القصة ؛ ولا شك أن المدرس الذي قرر ذلك لم يكن مصيبا في وجهة نظره ؛ وأما الفائدة الأدبية ، والأسلوب البليغ الذي قد تتميز به : فهذا يسهل تحصيله ، وتحصيل ما هو أرقى وأرفع منه في عشرات ، بل ومئات القصص الأدبية التي تخلو من مثل ذلك المحذور . [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]والله أعلم[/rtl]