في الآونة الأخيرة نجد أن بعض أعداء الله يسب الإسلام أو يسئ إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وذلك إما بالكلام أو ببعض الرسومات - قاتلهم الله - ، وحيث إنه يأتينا في بعض الأحيان بالبريد الإلكتروني من هذه الأخبار ويطلب من المسلمين أن ينكروا هذا الفعل إما بإرسال بريد إلكتروني وإما بإرسال بريد عادي أو بالاتصال بذلك الشخص المسيء لمشاعر المسلمين. وسؤالي هو: هل إذا لم نفعل ذلك الاستنكار نكون آثمين ؟ أم هل إذا قام به البعض سقط عن الباقين ؟.
الحمد لله
أولاً : الأصل أن إنكار المنكر فرض على الكفاية ، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين .
قال النووي – رحمه الله – في شرح صحيح مسلم :
( ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف . ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أولا يتمكن من إزالته إلا هو ، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف ) انتهى.
ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك مدعاة لترك المسلمين هذه الفريضة ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل على المسلمين القيام بذلك ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (49)
ويتأكد ذلك كلما عَظُم المنكر وفحش ، ولا منكر أعظم من سبّ الله تعالى أو سب دينه الإسلام أو سبّ رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فمن اطلع على شيء من هذه الإساءة ، في صحيفة أو مجلة أو قناة فضائية أو غيرها، فعليه إنكارها حسب استطاعته ، بيده أو بلسانه أو بقلبه ، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
ومن لم ير ذلك ولم يطلع عليه ، لكن أُخبر بوجوده ، فينبغي أن يبادر بالإنكار أيضا ، كأن يتصل على الصحيفة أو القناة ، وينكر عليهم ما نشر فيها ، أو يتصل على صاحب المقالة نفسها ، فإن الناس إذا رأوا كثرة المنكرين تهيبوا من إعادة الإساءة ، وربما أعلنوا اعتذارهم وتوبتهم .
كما أن اتفاق الجمع الكبير من الناس على إنكار المنكر يدل على قوة أهل الدين ، وغيرتهم ، ويقظتهم لما يذاع وينشر، وهذا مطلوب شرعا؛ وإلا لتجرأ في كل يوم متجرئ .
وأيضا : فهذا باب لتحصيل الأجر ، فإن الناهي عن المنكر مأجور مثاب .
نسأل الله تعالى أن يعزّ دينه ، وأن يذل أهل الزيغ والضلال .
والله تعالى أعلم .