لطالما اعتقد الناس أن تغريد الطيورعند الفجرهو ﻹسعاد البشر .
لكن العلم قضى على هذه الخرافة . حيث أصبحنا نعرف أن تغريد
الصباح هو السيطرة على المكان ورمز التزاوج أيضا .
إن مزيج اﻷصوات الجميلة التي تصدر عند الفجر في مواسم التزاوج
هو نتيجة مناجاة ذكور الطيور لﻺناث .
وتندرج النغمات بين صوت من مقطع واحد وصوت معقد من طبقات ونغمات متعددة ،
وتتناغم اﻷصوات بقوة وجمال لدرجة أنها تكون محببة لﻸذن البشرية.
ويمتاز تغريد الطيور في فجر أيام الربيع بأنه دليل على قيام الذكور بإنشاء مناطق اﻷعشاش ،
حيث تتصرف بطريقة رائعة وقوية لتعلن وجودها في منطقة معينة .
وتصدح أصواتها في السماء قبل فصل التزاوج وخﻼله ،
ثم تخف تدريجيا عندما تفقس الصغار وتهدأ تدريجيا عندما تكبر الصغار وتهجر المنطقة .
ويتمكن ذكر الطير، في فصل التزاوج من بذل جهد هائل خﻼل تغريده
وقد أشار أحد علماء الطيور خﻼل بحثه في عادات طير "الصغنج" وهو طير مغرد ،
أن الطير الواحد من هذا النوع يغرد أكثر من 2300 أغنية في اليوم الواحد ،
وما أن يتم تأسيس منطقة اﻷعشاش ، حتى تبدأ اﻹناث المهتمة بالتزاوج بالوصول ،
عندها يبدأ الذكر باستعراضه الصوتي والجسدي ﻹقناع اﻷنثى التي أعجبته.
وقد تدوم هذه المرحلة أيام عدة قبل أن تقبل اﻷنثى ويبدأ التزاوج فعليا
وقد يعمد الذكر الى العنف أحيانا ﻹبعاد خصومه عن منطقته . لكن لحسن الحظ ،
وعلى الرغم من كل الظروف يتم التزاوج ، ويدوم هذا الرباط مدة فصل واحد عند بعض الطيور ،
لكن بعض الطيور الكبيرة ، كالبجع مثﻼ ، تستمر مع الشريك نفسه طوال الحياة.
ويشير العلماء الى أن %90 من الطيور المغردة أحادية الزواج، أي أنها تبقى مع شريك واحد ،
لكن بعض اﻷنواع اﻷخرى متعددة الزواج ، حيث يتزاوج الذكر مع اكثر من أنثى (2 أو اكثر)،
أو تقوم اﻷنثى بالتزاوج من ذكرين أو اكثر .
وتشير اﻷبحاث الى أن أجمل تغار يد الفجر هي الصادرة عن ذكور الطيور التي تمارس هذا النوع من الخداع .
فتغريد طير الشادي "الهازج" مثﻼ – وهو نوع مهاجر ،
فصل التزاوج عنده قصير – غير عادي ومتنوع تبعا لما يقوم به من نشاط .
فحين يكون الطير وحيدا ، يبحث عن أنثى ، يغرد بشكل أغاني طويلة هادئة ليجذبها ،
وما أن يؤمن قبول اﻷنثى بالتزاوج ، حتى يبدأ يغرد أغاني الحب والدفاع عن العش ،
القصيرة المختصرة . إﻻ أن ، اﻷنواع المتعددة اﻻزاوج منه ،
وحين يرغب الذكر بجذب أنثى أخرى ، يبدأ بالتحرك الى أقصى حدود منطقته ،
بحيث يبتعد قدر اﻹمكان عن عش أنثاه اﻷولى . ويبدأ مرة ثانية بالتغريد المعقد الطويل .
حتى تظن أي أنثى مارة بالصدفة انه مازال وحيدا وانه يملك موقعا جيدا لبناء العش .
لكن عادة ما يكون الخداع مزدوجا من الطرفين ، فحين يعود الذكر الى أنثاه اﻷولى ،
قد يجد ذكرا آخر قد حل مكانه .
وتقوم الطيور صائدة الذباب وعصافير الدوري بحركات الخداع نفسها التي ذكرناها سابقا .
والعصافير الثانية ليست معروفة بتغريدها المفرح ،