أريد الحج عن أخي المتوفى ، وأنا أعاني من نزول بعض القطرات اللزجة الشفافة (ليست بول) بعد التبول بفترات زمنية مختلفة ، مما يضطرني لغسل ملابسي عند كل صلاة . سؤالي: هل أحج عن أخي هذه السنة مع ما في ذلك من حرج أثناء الإحرام والصلاة أو أؤجل الحج إلى أن أتعالج بإذنه تعالى . سؤالي الآخر: هل تعتبر هذه القطرات مذيا أو وديا أو إفرازات أخرى ؟ وما الحكم في كل حالة؟
الحمد لله
أولا :
ما يخرج بعد البول غالبا هو الودي ، وهو ماء أبيض ثخين ، يخرج قطرات بيضاء ، وهو نجس ناقض للوضوء.
قال النووي رحمه الله مبينا الفرق بين المذي والودي: " وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوةٍ ، لا بشهوة ، ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ، ويشترك الرجل والمرأة فيه ...
وأما الودي فماء أبيض كدر ثخين ، يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة ولا رائحة له ، ويخرج عقيب البول ... ، وعند حمل شيء ثقيل ، ويخرج قطرة أو قطرتين ونحوهما . وأجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي " انتهى من "المجموع" (2/160) باختصار .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : عند نهاية التبول أجد نزول بعض السائل المنوي ، ولا أدري هل يجب الاغتسال بعد كل تبول أو ماذا أفعل؟ لأني في شك بأن تأثيره نفس تأثير الجماع .
فأجاب: "هذا المني الذي يخرج بعد البول هو الودي المشهور ، وحيث إنه يخرج بعد البول ويسيل سيلانا فإنه لا يوجب الاغتسال ، وإنما ينقض الوضوء ، فيلزم غسل الذكر بعده والوضوء ، ولا يجب الاغتسال ، وإنما يجب الغسل بخروج المني دفقا بلذة لا بدونها ؛ والدفق هو أن يندفع اندفاعا قويا ، لا كخروج البول الذي يسيل ويتقاطر ، فلا يضرك خروجه هكذا " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (1/226).
وراجع جواب السؤال رقم (
47693).
ثانيا :
ما دامت هذه القطرات لا تنزل إلا بعد التبول ، فلا يكون ذلك كسلس البول الذي ينزل باستمرار بدون اختيار صاحبه ، وحينئذ عليك أن تستعد للصلاة قبل دخول وقتها بفترة كافية لانقطاع هذه القطرات ، وينبغي أن تجعل قطعة قماش أو منديل يمنع انتشار هذه النجاسة إلى ثيابك ، وحينئذ لا تحتاج إلا إلى تغيير هذا المنديل فقط ، وهذا أيسر عليك من غسل الثياب أو تغييرها .
وإذا نسيت وضع المنديل أو تعدت النجاسة إلى الثياب وشق عليك تغييرها أو غسلها ، لسبب ما ، فنرجو ألا يكون عليك حرج في الصلاة بها.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه ، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن لم يشق عليه ذلك ، وإلا عفي عنه ، لقول الله تعالى : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (1/192).
ولا يجوز لك أن تصلى مع نزول هذه القطرات ما دمت تعلم أن ستنقطع ولو أدى ذلك إلى فوات صلاة الجماعة .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : رجل مصاب بسلس في البول ، يطهر بعد التبول لفترة . لو انتظر انتهاء السلس لانتهت الجماعة ماذا يكون الحكم ؟
فأجابوا : إذا عرف أن السلس ينتهي فلا يجوز له أن يصلي وهو معه طلبا لفضل الجماعة. وإنما عليه أن ينتظر حتى ينتهي ويستنجي بعده ويتوضأ ويصلي صلاته ولو فاتته الجماعة.
وعليه أن يبادر بالاستنجاء والوضوء بعد دخول الوقت ، رجاء أن يتمكن من صلاة الجماعة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/408) .
ثالثا :
أما الحج عن أخيك هذه السنة أو في السنة القادمة بعد العلاج ، فانظر ما هو الأرفق لك ، ولا حرج في تأخير الحج عنه إلى العام القادم .
والله أعلم .