بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
( لا أقسم بالنفس اللوامة )
من منا لا يلوم نفسه ويعاتبها ويحاسبها
ويشعر بتأنيب الضمير تجاه أمر قام به أو فاته
أو لم يستطع الحصول عليه
فيفتح على نفسه
ألف تسال وألف عذر كلها تبدأ بكلمة ( لو )
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز
فإن أصابك شيء
فلا تقل:
( لو أني فعلت كذا و كذا)
ولكن قل:
قدَّرالله وما شاء فعل فإنَّ (لو)تفتح عمل الشيطان
يقول أهل العلم في تفسير ( لو ) :
إن كان استعمال (لو)
في لوم النفس
على تفويت أمر محمود فلا بأس بذلك
مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام :
لو استقبلت من أمري
ما استدبرت ما سقت الهدي (متفق عليه)
وإن كان لوم النفس
على تفويت أمر غير محمود فإنه داخل في النهي
درس اليوم يا أحبتي :
كل البشر
بدون استثناء إلا من رحم الله
تمر بهم لحظات ضعف وانكسار وعودة للذات فيؤنبها ويجلدها ويتحسر فيها على مافاته
وهذه الحالة لها
مسببات ونتائج وطرق علاج
نبدأها بتعريف الحالة :
هي شعور سلبي يتنامى في أوقات الانكسار
التي تمر بالإنسان فيلوم نفسه ويؤنبها على كل تصرفاته
من اجل
إرضاء الآخرين أو الهروب من المسؤولية أو الشعور بخيبة الأمل
وهو نوعين :
- جسدي :
الايذاء بالضرب أو اللطم أو تمزيق الملابس .
- معنوي :
إرهاق العقل بالتفكير والقلب بالحيرة دون نتيجة .
وأسبابه تختلف
باختلاف وقوع الحدث ووقته ومدى تقبل الإنسان له
ولكن بالعادة
يكون بسبب رئيسي يشترك فيه كل البشر وهو
( الشعور بالهزيمة والفشل والإحباط والندم )
- الأسباب الفرعية المؤدية لجلد الذات :
1.احتقار الذات
والاعتقاد بأنها لا تحسن التصرف في أي شئ .
2.عدم الثقة
في الرأي الشخصي فيؤدي به للخجل من طرحه أو الدفاع عنه .
3.ارتفاع معدل ثقافة العيب
في المجتمع أو الأسرة فيشعر الإنسان برهبة من تصرفاته .
4. الخوف من شخص قريب أو بعيد
فيحاسب نفسه فوق اللازم إلى درجة الوسوسة .
5.اعتبار رأي الآخرين فيه أو في تصرفاته
مهما كانت حقيقة لا جدال فيها فيشعر بالخوف منها
- كيف يحدث جلد الذات ؟
يحدث بإرهاق التفكير
في توافه الأمور التي تخصه دون الخروج بنتيجة
كأن يقول :
- لو كان اشتريت
السيارة الفلانية لأصبحت اسعد إنسان
- لو قبلت
بفلان زوجا لي كان قدرني وحبني واهتم بي
- لو سافرنا البلد
الفلاني كان نظرة الناس أفضل من الآن
- الذي عنده فلوس
يحق له أن يعيش ويجد الاحترام فقط
لذلك يفوّت على الإنسان الكثير
من الفرص الطيبة والناجحة التي ربما تكون خيرا له
مما هو فيه
وربما يتطور الوضع
فيقوم بضرب وجه أو تمزيق ثيابه وهذا من الجزع المنهي عنه شرعا
فهو بتلك التصرفات
لم يستفد من وقته واشعر نفسه بالحسرة والندم
على لبن مسكوب أو حمل هم أمر قبل حدوثة أو إرهاق النفس فوق طاقتها بأمر ليس لها فيه دور
- الفرق بين
نقد الذات وجلد الذات
نقد الذات :
هو شعور إيجابي
ناضج يتلمس معرفة مواطن القوة و مواطن الضعف بصدق و موضوعية
أي أنه يقيسها و يقيمها و لا يهمشها أو يتخيلها
مع الأخذ بأسباب النجاح الممكنة التي في تقدير الذات .
وأما جلد الذات فهو
كما ذكرنا سابقا من السلبية في التصرف والتفكير
- الآثار التي تحصل
بسبب جلد الذات كثيرة ولكن أهمها :
1- الهروب والانسحاب من المشكلة
مع توجيه اللوم للذات بدل البحث في الأسباب ومحاولة إيجاد الحلول
2- يحدث شلل
في كل محاور التفكير وتتأثر مسارات حياته وعلاقاته
3- التعامل السلبي مع الحياة وتقلب أحوالها
4- اختفاء الرؤية
الحقيقة لطبيعة المشكلة التي وقع فيها
5- الإدمان على تعنيف
ذاته حتى تصبح عادة لحل المشاكل والتعامل مع المواقف
6- اهتزاز ثقة المرء
بنفسه وخلق علاقة عداوة بينه وبين ذاته
7- اضطرابات النوم
واللجوء لعادات غير صحية مثل الأكل المفرط أو الامتناع عن الأكل
8- إهمال حياته وطموحاته وأهدافه
9- تناول المخدرات والخمر والحبوب
10- ابتعاد الآخرين عنه
سواء من أقاربه أو أصدقاءه بسبب نظرته التشاؤمية أو لاحتقار تصرفاته .
- العلاج المقترح لهذه الحاله
1. الايمان بقدر الله وتوفيقه للإنسان
ويكمن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
احفَظِ الله يَحْفَظْكَ ، احفَظِ الله تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سَأَلْت فاسألِ الله ، وإذا استَعنْتَ فاستَعِنْ باللهِ ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أنْ ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلاَّ بشيءٍ قد كَتَبَهُ الله لكَ ، وإنِ اجتمعوا على أنْ يَضرُّوكَ بشيءٍ ، لم يضرُّوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبهُ الله عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ "
2. العمل وترك السلبية في الحياة
فهي مثل
الذي يستفرغ أجلكم الله ثم يعود لأكل ما خرج من بطنة .
3. الثقة بالنفس
وجعل لها مقياس قبول ورفض لكافة أمور الحياة دون خجل أو خوف من أحد دون تسبب بضرر .
4. الأخذ بالأسباب الممكنة في الحياة
فلا يأس ولا حزن ما دام الإنسان يعمل ويجتهد بعد توفيق الله .
5. القبول بأي نتيجة
وتقييم سلبياتها وايجابياتها والعمل على تفادي الأخطاء الناتجة .
6. الايمان بان النفس لها
حق وراي وقيمة فلا تقسو عليها أو تجلدها من أجل خاطر أحد .
7. تبني ثقافة الاعتذار والمصالحة
سواء مع النفس أو الآخرين والعمل على تحسين الأخطاء .
8 . الايمان بأن الله مطلع ومقدر كل شئ
وهذه النفس أمانة فلا يحق لك إفسادها بالأفكار الخاطئة أو إهانتها
9. الايمان بأن لا يوجد في الحياة
يجب الحسرة والندم عليه إلا تفويت الطاعة والتعلق بالمعصية
همسة :
اعقلها وتوكل فالله مدبر الأمر من قبل ومن بعد