على أبواب رمضان، احْذَر حبائلَ الشيطان
لا تظننَّ أيها الكريم؛ أنك حينما تُقبل على مواسم الخيرات -لا سيّما رمضان-؛
أنك مُقبلٌ على إجازةٍ من أعمالٍ مَضَت، أو عُطلةٍ من طاعاتٍ سبَقت، أو عُزلةٍ ورهبانيةٍ أتَت وطغَت!
أنت لستَ بحاجة إلى تغيير جلد طاعاتك الأُولى،
ولا الانسلاخ من خيرٍ كنتَ فيه، ولا هجر ثغرٍ أقامك الله عليه؛ فتتركه ثُلمةً لا يَسدّها غيرُك!
بل أنت بحاجةٍ فقط إلى:
- زيادة الجَهد والجُهد.
- والمنافسة الدؤوب في ميادين الخيرات.
- واغتنام كل طاعة وعبادة في زمانها الفاضل، ووقتها المرغوب.
- والضرب في كلّ طاعة بأجر.
- والرّمي في كلّ قُربة بسَهم.
فقد حضرَ الجِدُّ للقرآن، والإتقانُ للصيام، والهِمّةُ للقيام!
ولكن دون تركٍ؛ لهمٍّ تحمله، ولا قضية تجاهد من أجلها، ولا رايةٍ تسعى لرفعها!
بل جاء رمضانُ تحفيزًا للكمال، وشحذًا لهِممٍ تَسعى للتّمام!
فلا تُصيّره شهرَ عُطلةٍ وقعود، ويُزيّن لك شيطانُك؛ التركَ والجُمود؛ بحُجّة الإقبال على ما هو مفقود!
فمحرومٌ من استقبل مواسم الخيرات؛ بتركٍ وهجرٍ وخُمود!
محرومٌ مَن ظنّ أنه بذلك؛ من أسْر شيطانه سيعود!
فالأصل أن تُديم عملَك الذي كان، فأحب العمل إلى الله أدومُه!
وأن تَلزم ما أقامك الله في، فرمضان للكمال، لا للنقص والرّكود!
وهكذا كان نبيّنا عليه السلام، وصَحبُه الكرام، وسلَفُنا العظام:
كانوا على ملازمة الطاعات، وإتيان القُربات؛ طيلة العام!
من صلاةٍ وصيام، وذِكرٍ وقرآن، وجهادٍ وقيام!
فإذا جاء رمضان، زاد الاجتهادُ في كلّها لا بعضها، وتسابقوا على إحصائها
وجمعها، لا تركَ أحدها، والانهماك في فَردها!
فإن تعذَّر الاجتهادُ في الكلّ؛ أتَوا من المفضول ما يُبقي أصلَه، وجَدّوا في الفاضل وحازوا خيرَه،
ولو كان في المفضول؛ راحة، وفي الفاضل؛ جَهدٌ ومَشقّة! وانظر وتأمَّل!
هل كان الجهادُ، وحِمى وطيسِه، إلا في رمضان؟!
وهل كانت الغزوات والمعارك الفاصلة، إلا في رمضان؟!
وهل كانت بدر، وفتح مكة إلا في رمضان؟!
وهل كانت القادسية، وفتح الأندلس، وحطين، إلا في رمضان؟!
فلا تتركنَّ ثغرًا؛ أقامك الله عليه، ولا خيرًا تُحبّه وتجد قلبَك فيه!
فما الذي قمتَ عنه، بأفضل من الذي قمت إليه!
واضرب في كلّ غنيمةٍ بسَهم، فلا تدري؛ أيّها يتقبّل الله أو يَـرُدّ!
والسلام