مقالة : الشخصية ****الشخصية ****
هل يمكن للفرد أن يكتسب الشخصية التي يرغب فيها ؟؟؟؟
ـ لكل فرد شخصيته الخاصة والتي تتمثل في جملة من الخصائص الجسمية والنفسية و الأخلاقية و الاجتماعية الفطرية منها والمكتسبة والتي يشعر من خلالها بتميزه عن الآخرين وهي بهذا المعنى ملك للفرد باعتبارها يشير إليه دون غيره
ـــ فهل يعني هذا أن الفرد حرفي يحققها بحسب رغبته وميوله ؟ ــ يرجع تكوين الشخصية إلى عاملين وراثي فطري يولد مع الطفل واجتماعي مكتسب وإذا تناولنا هذين الجانبين على ضوء الإرادة والرغبة أدركن أن الطفل لا يولد صفحة بيضاء فهو
ليختار استعداداته الوراثية ، وبذلك لا يختار شكله الفيزيولوجي وتركيبه البيولوجي الغددي والعصبي باعتباره نتيجة
لتفاعل الخصائص الوراثية نمت في المرحلة الجينية أي ما قبل الولادة ، ومن جهة أخرى فإنه بمجرد ولادته يستلمه المجتمع فيشكله حسب المعطيات الاجتماعية فيزوده باللغة ويلقنه الأخلاق ويشبعه بالمبادئ والقيم لتصبح شخصيته نموذجا مصغر للمجتمع الذي ينتمي إليه وفي كلتا الحالتين فان الفرد لادخل له في اختيار شخصيته أو إكسابها
إن تعريفنا للشخصية بهذا المعنى لم ينتبه للتميز والاختلاف الجوهري بين شخصية وأخرى بل تناول الموضوع بصورة عامة تصدق على الجميع فافرغ بذلك الشخصية من محتواها الذاتي الذي يتمثل في هويتنا ، فما حقيقة هذه الهوية ؟؟
ــ لقد عرفنا أن الجانب الميتافيزيقي ضروري في بناء الشخصية ويتمثل هذا الجانب في موقفنا من ذاتنا وشعورنا بها ، وهو الذي يميز الفرد عن الآخرين مهما تماثلت المعطيات الفطرية والمكتسبة ( حالة النوم ) فإذا كان الفرد يولد باستعدادات وراثية معينة ، فان هويته تدفعه إلى أن يبحث داخل المجتمع عن النماذج السلوكية والقيم والمعاني الفكرية التي تعبر عن هذه إلا استعدادات الوراثية وتبلورها وبالتالي فان التفاعل بين العوامل الفطرية والمكتسبة لايتم إلا وفق إرادتنا ورغبتنا وبحسب تطلعاتنا ، فالشخصية إذا كيان واع وليس مجرد خليط لعوامل فطرية ومكتسبة فلا دخل لعامل الصداقة والاتفاق في بناء الشخصية بل أنها بنية متكاملة ومنسجمة والدليل على ذلك أننا مسئولون عنها أي عما يصدر عنها من أقوال وأفعال فلا يحق لنا أبدا أن ننكر ذلك تضرعا بالمجتمع وبالعوامل الفطرية حتى ولو كانت مأثرة لأنها وبكل بساطة تحدد قبل ولادتنا أي قبل وعينا لذاتنا ولذلك لا نأخذ عليها .
ــ ولكن هذا لا يعني بأنه شخصيتنا هي تعبير صادق وتحقيق مستمر لها نرغب في أن نكون عليه فلا يمكن أن نحقق شخصيتنا بصورة كاملة . ــ وبعد استعراضنا لهذه الحقائق يمكننا أن ندرك بكل تواضع أننا نستطيع أن نكتسب غيرها ، فشخصيتنا الخاصة بنا ليست ما نرغب فيه وتأمله ولكن ما نحققه بالفعل لأن الشخصية هي ما يتجسد عمليا في أفعالنا وسلوكنا التي نفرض بها وجودنا داخل المجتمع فل احد يستطيع أن يكون ما يريد ولكنه لا يصنع إلا ما يستطيع
كما أن الشخصية معطى متغير في الزمان والمكان ولهذا الوضع انعكاس مباشر على هويتها أي أنها تحقق دائما ذاتها باستمرار من خلال تجسده من رغباتها .
ــ وبهذا نستطيع القول بان الشخصية هي هذه الرغبة المحققة التي تحافظ علي استمرارية الذات وتسمح بتميز الفرد عن غيره وهي بهذه بحاجة إلى توظيف معطيات الطبع حتى تتفاعل بصورة بنائية مع معطيات المجتمع . فلا يمكن للفرد أن يكتسب إلا الشخصية التي تحقق ما يرغب فيه فالفرد لا يستطيع أن يكتسب شخصية أخرى غير شخصيته .